وأظهر مقال نشر في مجلة "نيو سيانتست" بتاريخ 5-6-2002 أن الاستخدام المكثف لبعض المركبات الكيميائية غيّر من التركيب الكيميائي المتوازن للبيئة بحيث جعلها تسبح في بحر من هرمون الأنوثة "الإستروجين" ذلك الهرمون الذي يؤثر وظيفيا وعضويا في الأجنة الذكور وهي لا تزال في الأرحام.
ويقول الباحثان "ريتشارد شارب" عضو مركز الأبحاث الطبية في أدنبرة، و"نيلز سكاكيباك" من جامعة كوبنهاجن بالدانمارك في مقال نشر بمجلة "لانسيت" الطبية: إن الزيادة الملحوظة في حالات عدم نزول الخصيتين في الأطفال والتشوهات الخلقية التي تحدث في أعضائهم التناسلية وقلة عدد الحيوانات المنوية عند الكثيرين للدرجة التي تجعلهم غير قادرين على الإنجاب تعزى لذلك الارتفاع الكبير في معدل هرمون الإستروجين في البيئة.
كما لاحظ الباحثان أن هناك أطفالا ذكورا يظلون فترة طويلة بعد مرحلة البلوغ دون أن تظهر عليهم الخصائص الجنسية الثانوية مثل نمو الشارب واللحية وتضخم الصوت وكل الصفات التي تميز الذكور من الإناث، ويرجعان كل ذلك أيضا إلى ازدياد معدل هرمون الإستروجين في البيئات المحلية، والذي زاد زيادة ملحوظة في ظروف الخمسين سنة الأخيرة.
ودلت الأبحاث أن الناس قد يتعرضون لذلك الهرمون في الحليب ومشتقات الألبان وفي اللحوم وفي فول الصويا وزيوته، نتيجة لآثار حبوب منع الحمل والكثير من مستحضرات التجميل التي تتسرب مع مياه الصرف الصحي إلى منابع المياه، أو التي يعاد استخدامها مرة أخرى بعد معالجتها.
وبينت دراسة أخرى نشرت العام الماضي 2003 في مجلة EHP أن الذكور اليوافع الذين يتعرضون لمادة "إندوسولفان" Endosulfan الموجودة في المبيدات الحشرية يتأخر لديهم النضوج الجنسي بشكل ملحوظ، مقارنة مع الذكور الذين لا يتعرضون لهذه المادة. كما أشارت الدراسة إلى أن المادة المذكورة تؤثر على هرمونات النضوج الجنسي وتقلل من نسبة إفرازها لدى الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 سنة.
ووجد في الدراسة أن المعرضين لهذه المادة لديهم نسبة أعلى من التشوهات الجنسية، وهذا له تأثير كبير على التبدلات الجنسية لدى الذكور، وتوصل الأطباء إلى هذه النتيجة بعد دراسة ما يقارب 117 ذكرا في قرية هندية استخدمت فيها المادة المذكورة في مواد الرش لمدة لا تقل عن 20 سنة.
والمعروف أنه قد منع استخدام مادة "إندوسولفان" في العديد من الدول منذ عام 2000، لكن تأثيراتها السلبية ما زالت تظهر حتى الآن، وبيّن الأطباء أن أكبر نسبة اضطرابات مسجلة هي في بلدان العالم الثالث، خاصة في الهند.
كما أن هناك دلالات على أن نسبة من جراحات استئصال الرحم تنجم من مشكلات يسببها استهلاك اللحوم المُحَمَّلة بالهرمونات؛ فالهرمونات الموجودة في اللحوم حقيقة من الحقائق الثابتة.
وحسب تقارير وإحصائيات الاتحاد الأوربي، يتسبب العديد من المبيدات الزراعية شائعة الاستعمال في قطاع الزراعة في الإخلال بمستويات الهرمونات، وهو ما تنتج عنه تغيرات في السلوك وفي النمو الطبيعي للجهاز العصبي، وحتى في نمو الأعضاء التناسلية وقدرتها على تأدية وظائفها، وهي كلها عوامل تؤثر في معدلات الخصوبة والإنجاب لاحقا.