أبو دُلامة هو زند أو زيد بن جون ، و كان غلاماً حبشياً أسوداً ، و هو أحد الشعراء المعاصرين لخلفاء بني العباس الثلاث الأوائل و هم السفاح و المنصور و المهدي ، بل يعتبر شاعرهم و نديمهم الخاص ، إلا أنه لم يكن من الملتزمين دينياً ، شأنه شأن المقربين للعباسيين ، فكان يهوى المحرمات .
فقد ذُكر أن الناس في أيام المهدي صاموا شهر رمضان في صميم الصيف ، و كان أبو دُلامة إذ ذاك يطالب المهدي العباسي بجائزة وعدها إياه ، فكتب إلى المهدي رقعة يشكو إليه فيها ما لقي من الحر و الصوم ، فقال فيها :
أدعوك بالرّحم التي جمعت لنا * في القرب بين قريبنا و الأبعد
ألا سمعت و أنت أكرم من مشى * من منشد يرجو جزاء المنشد
حلّ الصيام فصمتُه متعبداً * أرجو ثواب الصائم المتعبد
و سجدت حتى جبهتي مشجوجة * مما أكلّف من نطاح المسجد
وشعره هذا مما يدل على عدم احترامه للأحكام الشرعية كما ينبغي .
و يُروى أن أبو دُلامة عندما أجبر المنصورُ الناسَ على لبس القلانس الطوال المفرطة الطول ، و كانوا فيما ذكر يحتالون لها بالقصب من الداخل كي تصبح طويلة ، فقال أبو دُلامة في ذلك :
و كنا نرجو من إمام زيادة * فزاد الإمام المصطفى في القلانس
تراها على هام الرجال كأنها * دنان يهود جُلِّلت بالبرانس
من نوادر ابو دلامة
ففي موت حمادة بنت عيسى زوجة المنصور عندما خرج الخليفة والقواد والكبار من رجال الدولة
في جنازتها فلما وقفوا على القبر قال المنصور لأبى دلامة يعظه ويذكره : ماذا أعددت ويحك لهذه الحفرة؟
(و أشار للقبر)
قال: حمادة بنت عيسى زوجة أمير المؤمنين.
فضحك المنصور وكل من حضر وقال له : فضحتنا قبحك الله .
فمرة دخل على السفاح فقال له:
سلني حاجتك ؟
قال أبو دلامة : كلب صيد!
قال : ويلك أهذه حاجتك؟ كلب؟
قال : نعم.
قال : أعطوه إياه.
قال : يا أمير المؤمنين فكيف الحق به أأعدو على رجلي ؟
قال : أعطوه فرسا..... قال : فمن يخدم الفرس؟
فأمر له بغلام... قال : فان صدت صيدا فمن يطبخه؟
فأمر له بجارية... قال : يا أمير المؤمنين وهؤلاء يبيتون بالطريق؟
فأمر له بدار... قال : يا أمير المؤمنين قد صيرت في عنقي جملة من العيال فمن أين انفق عليهم؟
فأعطاه مالا جزيلا وقال بقيت لك حاجة؟؟
قال : نعم, تدعني اقبل يدك....قال : أما هذه فلا.
قال : ما منعتني حاجة أهون علي منها.