أبو القاسم الشابي (1906-1934) شاعر تونسي، ولد في قرية الشابية، من ضواحي توزر، في تونس، وتعلم في المعهد الزيتوني، وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية. مرض بداء الصدر، وعاش في شبه عزله، ومات شاباً وهو في أوج عطائه الشعري.
ولو قدر لهذا الشاعر الشاب أن يطول به العمر، لكان أتحف المكتبة العربية بفيض من نتاجه الأدبي والشعري وبالرغم من عمره القصير، فقد ترك لعشاق الشعر العربي ومتذوقى الرومنطيقية الحالمة-والتائقين إلى مستقبل عربي حرّ كريم- ديواناً شعرياً ضخماً بالقياس إلى عمره القصير الذي خيم عليه المرض، وعكّرت صفوة نكبات الوطن الرائج تحت وطأة الاحتلال الأجنبي.
والذي يميز هذا الديوان أن الشابي اختار قصائده ورتبها بنفسه قبل وفاته، وفقاً للتسلسل التاريخي الذي نظمت فيه، فكانت أولها قصيدة بعنوان "أيها الحب" نظمها سنة 1924، وآخرها قصيدة بعنوان "فلسفة الثعبان المقدس" نظمها في الواحد والعشرين في آب سنة 1934م. وبين هاتين القصديتين تنوعت موضوعات الديوان وتباينت ، فمن حديث عن الوطن التونسي ومشكلاته واتنهاض بنية للدفاع عنه وتحريره، إلى حديث عن المستعمر البغيض، وتحديه، وكشف أباطيله، ومن غزل علوي سام منزه عن أدران الجسد وسعار الغريزة، إلى طبيعة ساحرة أنيقة بأزهارها وعطورها، وأشجارها وغدرانها. ومن رسم لمعالم السكون والطمأنينة والهدوء، إلى تفجير براكين الثورة والغضب، ومواكبة للعواصف والصواعق... وكل ذلك دونه بلغه شعرية عصرية مبتكرة، وعاطفة إنسانية جياشة، ورومنطيقية حالمة.