[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
القلب السليم هو الطاهر من أدناس المخالفات، فأما المتلطخ بشيء من المكروهات فلا يصلح لمجاورة حضرة القدس -أو القدوس، "حضره القدس" هذه العبارة، وبهذه العبارة الدارجة في اللسان من يتكلم بهذه الكلمة-
فلا يصلح لمجاورة حضرة القدس إلا بعد أن يطهر في كير العذاب، فإذا زال منه الخبث صلح حينئذ للمجاورة؛ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، فأما القلوب الطيبة فتصلح للمجاورة من أول الأمر: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] . ومن لم يحرق اليوم قلبه بنار الأسف على ما سلف، أو بنار الشوق بلقاء الحبيب -فنار جهنم له أشد حرا، ما يحتاج إلى التطهير بنار جهنم إلا من لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه،. الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله، وعلى أهله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
ومن بديع المناسبات أن الله أخبر عن إبراهيم أيضا بسلامة القلب: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فالقلب السليم جاء في هذين الموضوعين كليهما، يعني: الأولى في كلام إبراهيم، والثانية في وصف الله لإبراهيم. والقلب السليم، سليم: صيغة تدل على السلامة، ضد العليل وضد المريض، سليم سالم، يقول النسائى: القلب السليم هو السالم من المخالفات، المخالفات: مخالفات الأوامر والنواهي، بترك مأمور، أو فعل محذور، هذه هي المخالفات.
فلا ينجو من عذاب الله نجاة مطلقة بحيث لا يناله عذاب إلا صاحب القلب السليم، من أتى الله بقلب سليم فهذا هو الذي ينجو، لا يتعرض للعذاب، لا يتعرض لشيء من العذاب لسلامة قلبه، وعلى هذا فيدخل الجنة من أول وهلة.
فأشار المؤلف إلى نوع من سلامة القلب، وقد يقال: إن كلامه شامل، لكن لعله مما يوضح المقام ما ذكره العلامة ابن القيم في مواضع من كتبه، ولا سيما في "إغاثة اللهفان" فإنه عُني بالكلام على أقسام القلوب، فينبغي أن تراجع تلك الأبواب.
ومما جاء في كلامه: أن القلب السليم: هو السالم من فتن الشهوات وفتن الشبهات، فتن الشهوات التي تعارض أمر الله، الشهوات تعارض الأمر والنهي، وفتن الشبهات التي تعارض خبر الله، ففتن الشهوات تحمل على المعصية والمخالفة، بترك المأمور وفعل المحذور، والشبهات تضعف اليقين، أو تورث الشك فيما أخبر الله به ورسوله.
إذن فالقلب السليم لا بد أن يسلم اعتقاده من عوارض الشبهات، وتسلم إرادته من عوارض الشهوات، فالقلوب أقسام: فيها القلب السليم، والقلب المريض، والقلب الميت، الميت الذي لا حس ولا إرادة ولا حركة -ميت-، وهو قلب كافر.
القلب الميت هو القلب الكافر، والقلب السليم هو القلب المؤمن كامل الإيمان، والمريض هو القلب المخلط الذي فيه مادتان: مادة الحياة، ومادة مرض أو مادة موت، وهو لما غلب عليه منهما.