¤(( أبي الدحداح صاحب التجارة الرابحة ))¤°~
هو الصحابي الجليل أبو الدحداح ، ثابت بن الدحداح أو الدحداحة
بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار ، وأحد فرسان الإسلام ،
وأحد الأتباع الأبرار المقتدين بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ،
والسائرين على نهجه الباذلين في سبيل الله أنفسهم وأرواحهم
وأموالهم.
~°¤(( إسلامه ))¤°~
أسلم أبوالدحداح رضي الله عنه حين قدم مصعب بن عمير رضي الله عنه
المدينة سفيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعو أهلها إلى الإسلام حيث
كان ممن ناله شرف الدخول في الإسلام ، كما أسلمت أسرته كلها ، ومشوا
في ركب الإيمان .
~°¤(( القرض الحسن ))¤°~
ولما نزلت هذه الآية :
{ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض
ويبسط وإليه ترجعون }
أنقسم الناس إزاءها ثلاثة أقسام :
الفريق الأول
وهم اليهود قالوا :
إن رب محمد محتاج فقير إلينا ونحن أغنياء .
والفرقة الثانية
هي التي أثرت الشح والبخل وقدمت الرغبة في المال فما أنفقت في
سبيل الله ولا فكت أسير ولا أعانت أحدا تكاسلا عن الطاعة وركون
إلى هذه الدار .
وأما الفرقة الثالثة
فحين سمعت الدعوة إلى الأنفاق بادرت بالمسارعة لبذل المال كأبي الدحداح
رضي الله عنه وغيره وهؤلاء كثير لأنهم علموا أن ما عندهم ينفد وما عند الله
باق وتأكدوا بأن من في الدنيا ضيف وما في يده عارية والضيف مرتحل
والعارية مؤداة .
~°¤(( التجارة الرابحة ))¤°~
عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال :
لما نزلت { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا }
قال أبو الدحداح رضي الله عنه :
يا رسول الله أو أن الله يريد منا القرض ؟
قال : " نعم يا أبا الدحداح "
قال : أرني يدك
قال : فناوله ، قال :
فأني أقرضت الله حائطا فيه ستمائة نخلة.
وفي رواية لزيد بن أسلم رضي الله عنه :
قال أبو الدحداح :
فداك أبي وأمي يا رسول الله ، أن الله يستقرضنا وهو غني عن القرض ؟
قال : " نعم يريد إن يدخلكم الجنة به "
قال : فأني أن أقرضت ربي قرضا يضمن لي به ولصبيتي معي الجنة ؟
قال : " نعم "
قال : ناولني يدك
فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال :
إن لي حديقتين أحدهما بالسافلة والأخرى بالعالية والله لا أملك غيرهما قد
جعلتهما قرضا لله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أجعل إحداهما لله والاخرى معيشة لك ولعيالك "
قال : فأشهدك يا رسول الله أني قد جعلت خيرهما لله تعالى وهو حائط فيه
ستمائة نخلة.
قال : " إذا أيجزيك الله به الجنة "
فأنطلق أبو الدحدوح حتى جاء أم الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة
تدور تحت النخل فناداها قائلا :
خذي أولادك وأخرجي من البستان فقد اقرضته ربي ، وأنشأ يقول :
هداك الله سبل الرشاد ___________ إلى سبيل الخير والسداد
بيني من الحائط بالوداد ___________ فقد مضى قرضا إلى التناد
أقرضته الله على اعتمادي ___________ بالطوع لا مَن ولا ارتداد
إلا رجاء الضعف في المعاد ___________ ارتحلي بالنفس والأولاد
والبر لا شك فخير زاد ___________ قدمه المرء إلى المعاد
فقالت أم الدحداح رضي الله عنها :
ربح بيعك ، بارك الله لك فيما اشتريت ، ثم أجابته وأنشأت تقول :
بشرك الله بخير وفرح ___________ مثلك أدى ما لديه ونصح
قد متع الله عيالي ومنح ___________ بالعجوة السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله قد كدح ___________ طول الليالي وعليه ما اجترح
ثم أقبلت أم الدحداح رضي الله عنها على صبيانها تخرج ما في أفواههم ،
وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح "
~°¤(( استشهاده ))¤°~
كان أبو الدحداح رضي الله عنه مثالا فريدا في التضحية والفداء ،
فإنه لما كانت غزوة أحد أقبل أبو الدحداح رضي الله عنه والمسلمون
أوزاع قد سقط في أيديهم ، وسمع منادي المشركين يدعي قتل محمد
صلى الله عليه وسلم فجعل يصيح :
( يا معشر الأنصار إلي أنا ثابت بن الدحداحة ، قاتلوا عن دينكم فإن الله
مظهركم وناصركم )
فنهض إليه نفر من الأنصار ، فجعل يحمل بمن معه من المسلمين ،
وقد وقفت له كتيبة خشناء ، فيها رؤساؤهم ، خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ،
وعكرمة بن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب فجعلوا يناوشونهم ، وحمل عليه
خالد ابن الوليد الرمح فأنفذه فوقع ميتا رضي الله عنه ، واستشهد أبو الدحداح
رضي الله عنه فعلمت بذلك أم الدحداح رضي الله عنها ، فاسترجعت ، وصبرت ،
واحتسبته عند الله تعالى الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا