يحكى أن دافيد بن غوريون -أول من أعلن قيام الكيان الصهيوني- ، قـد قام يبكي طويلا أمام حائط البراق عام 1967، ثم بعدما مسح دموعه النتنة، التفت إلى أحد الضباط وإلى رئيس البلدية، فأمره أن يهدم حارة المغاربة بكل ما فيها من مساجد، وبيوت، وحارة الشرف، وإقامة الحي اليهودي، ببناء 2000 وحدة سكنية داخل البلدة القديمة.
من تلك اللحظة انطلق مشروع تهويد القدس، ومن بن غوريون، إلى أولمرت، لم يتـوقف المشروع يوماً واحـداً.
ولفت خليل التفكجي إلى أن (إسرائيل) تسير بخطى ثابتة لتنفيذ مخطط تهويد المدينة المقدسة مع حلول العام 2020، حيث ستبلغ نسبة السكان العرب في ذلك التاريخ 12% فقط، وبالمقابل سيتم استقطاب مليون يهودي للإقامة فيها ضمن ما يطلق عليه مخطط 2020، واعتبر أن مصير القدس سيلحق بمصير الأندلس إذا استمر الصمت العربي على حاله.
والملاحظ أن عملية تهويد القدس ازدادت وتيرتها بعد اتفاق أوسلو عام 1991، مما يؤكد أن السلام هو خديعة إسرائيلية تقدمها كملهاة للفلسطينيين والعرب، بينما تقوم إسرائيل بمواصلة تهويد القدس، ويؤكد زياد الحموري –مدير عام مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية- أن إسرائيل أكملت تهويد القدس من الناحية الجغرافية من خلال الاستيطان وشق الشوارع الضخمة ومصادرة الأراضي، وانتقلت الآن لتقليل الوجود الفلسطيني في المدينة إلى أدنى حد.
وتنفيذاً لهذا التوجه فقد سلمت 85 عائلة مقدسية إخطارات هدم منازلهم في حي البستان في قرية سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، لتحويلها إلى حدائق عامة مما يهدد بتهجير حوالي 1500 مواطن فلسطيني.
وأمام هذا التمدد السرطاني الذي يزداد التفافاً يوماً بعد يوم على عنق المسجد الأقصى لتجهز عليه، فأين أمة الإسلام وزعماء العرب؟، أين ملك الأردن المفوض برعاية الأقصى في اتفاقات وادي عربة؟، أين ملك المغرب رئيس لجنة القدس؟، فلقد صدق الشاعر الدكتور عبد الرحمن بارود حين قال:
لك الله يا أقصى تقنعت باكيًا.... وكل صناديد الرجال أسيرُ
بكيت وأيدي الجاهليات تلتقي عليك.... وعجل السامري يخورُ
يدير رحاها ألف كسرى وقيصر.... وألف حُيَيٍّ للمدير مديرُ
أيها المسلمون: أيهدم الأقصى وفينا عين تطرف أو قلب ينبض!!، أيزال أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ويطيب لنا العيش بعد ذلك!!، أيسدل الستار على مسرى رسولنا العظيم على أيدي شذاذ الآفاق وقتلة الأنبياء ونحن نائمون متخاذلون!!.
أخي المسلم: أين موقعك في معركة حماية المسجد الأقصى والذود عن حياضه، والحفاظ على إسلاميته وعروبته؟؟، ألا تعلم أن رسولنا الكريم شهد لنا بأننا مرابطون وفي جهاد إلى يوم القيامة على هذه الأرض؟؟
إن هذه الأرض هي أرض مباركة مقدسة.. هي مهد الأنبياء ومسرى محمد رسول السماء.. هي مقر الخلافة الإسلامية القادمة وأرض المحشر والمنشر، هي الأرض التي حشد لها النبي (صلى الله عليه وسلم) ثلاثة جيوش في مؤتة وتبوك وبعث أسامة.. فتحها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وحرم على اليهود الإقامة فيها.. استشهد فيها كثير من الصحابة وجبلت في ترابها دماؤهم، ومنهم عبادة بن الصامت وشداد ابن أوس.. وأمَّها كثير من التابعين كرجاء بن حيوة وإبراهيم بن أدهم وارتحل إليها أبو حامد الغزالي والشافعي والأوزاعي وسفيان والثوري وغيرهم من مشاهير الأمة وعظمائها.
إن كانت هذه أرضنا وقدسنا فهل نفرط فيها أيها المسلمون؟؟!!
أيها المسلمون يا أبناء البنا والقسام والياسين، وأحفاد عمر وخالد وصلاح الدين:
إن المسجد الأقصى المبارك في خطر!!، إنه يرسف بقيود الاحتلال منذ عام 1967م، ويعاني من ضراوة الحصار الذي يقع تحته ليل نهار، وها هي قبابه ومآذنه وبوائكه ومصاطبه وسبله تكاد أن تذرف الدمع مجهشة بالبكاء بلا توقف، وها هو كل حجر فيه يكاد ينطق صارخا في وجوهنا – نحن أمة المليار ونصف المليار -: أليس فيكم رجل رشيد؟!، ألا تبصرون أية مهانة يتجرعها وأي عار ربض على صدره وأية مأساة طوقت عنقه؟!، ألا تشمون رائحة البارود والقنابل المسيلة للدموع التي ما فتأت تطلقها قوات الاحتلال الإسرائيلي على وفود المصلين. ألا تسمعون صوت الاستغاثة العاجل المجلجل من رحاب المسجد الأقصى المبارك وهو يقول لكم أغيثوني صبح مساء؟! والتي استغاث بها من قبل صلاح الدين حين قال:
يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكس
جاءت إليك رسالة تسعى من البيت المقدس
كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنس
فأجابه بتسيير الجيوش ولمعان السيوف وليس بمنابر الكلام وفصاحة اللسان.. فهل نحيي سيرة صلاح الدين ونسير على خطاه!!!
د. نافذ سليمان