أنا حلاق..وكثيرون لا
يزالون يعتقدون أنى مجنون , ويرفضون أن أحلق لهم رؤوسهم أو ذقونهم ولا بأس
إذا اعترفت لكم الآن ..فقد كنت مجنونا فعلا.. ا
كنت مريضا بما يسمى (المجالومانيا )أي جنون العظمة ...ا
وقد أشتد بي المرض يوما حتى خيل ألي أنى نبي مرسل من الله ...,ا
وكانت وسيلتي للهداية البشر هي أن أضربهم على أقفيتهم
وظللت أضرب الناس على أقفيتهم
حتى حملوني إلى مستشفى العباسيه ...مستشفى المجانين ...وقضيت هناك 3أشهر
ا...ثم خرجت ...ولم أكن قد شفيت ...كل ما هنالك أنى دخلت المستشفى مجنونا
خطرا وخرجت منه مجنونا هادئا ..ا
ولكني الآن شفيت ..ا
شفيت تماما ...ا
و أأكد لكم أنى لم أعد مجنونا ...لا مجنونا خطرا ولا مجنونا هادئا ...شفيت
وليس لطبيب فضل في شفائي ...كما لم تشفني معجزه ولم يشفني عاقل ...ا
أنما عالجني وشفينى مجنون مثلي !!!...ا
وأسمعو القصة .ا
أنها قصه أن لم تهمكم فقط تسليكم ..ا
ولكنها قطعا تهم أطباء الأعصاب وأطباء النفس ,فهي تنتهي ألي وضع نظريه
جديدة في معالجه المجانين , يستطيع اى طبيب أن يبحثها ويضعها في صيغه علمه
...ا
ثم ينسبها إلى نفسه ...ولن أنازعه حقه فيها ,ولن أدعى فضلا لنفسي
ولقد خرجت من المستشفى وعدت أزاول مهنتي في الدكان الذي
تعودت أن اعمل فيه وكنت –كما قلت –قد أصبحت مجنونا
هادئا .. كنت لازلت مريضا بجنون العظمة...كنت أعلق فوق
المرءاه التي أعمل أمامها يا فطه كبير كتبت عليها
ا(أرفع رأسك للحلاق ,وأحن رأسك للحلاق )ا...ا
كنت أعامل الزبائن على أنهم أقزام ... وأحيانا أعاملهم على أنهم ميكروبات
ولكن هذا الإحساس
لم يكن بأثر في صنعتي وفني فقط كنت ولازلت أمهر حلاق
في جمهورية مصر العربية ...ا
المجانين كباقية المرضى بأنواع المرض المختلفة –تجدهم
يعرف بعضهم البعض-...وينجذب بعضهم إلى بعض ويسمع كل
منهم أخبار الآخرين ويتتبعها..إذا أصيب واحد منهم بالذبحة الصدرية -مثلا-ا
فسيكتشف فاجأه أن هناك ألاف غيره مصابون بذبحة صدريه وسيسمع عنهم ويأتيهم
أخبارهم وأخبار العلاج الذي يتناولونه ...وكذلك مرضى السكر .. ومرضى القرحة
ا...وكما يعرف أبناء المهنة الواحدة بعضهم البعض ,فكذلك يعرف أبناء المرض
الواحد بعضهم البعض ..أن المريض عندما يصاب بمرضه يجد نفسه يدخل عالم خاصا
كل من فيه مريض بنفس المرض...وكذلك المجانين !!!...ا
وقد كان من بين زبائني كثيرا من المجانين ,يجذبهم إلى وحده المرض
وحده الجنون .... وكنت أرى منهم تصرفات عجيبة ...كان من بينهم واحد يصر على
أن يخلع حذائه عندما أحلق له رأسه ...وكان زميلي في الجنون ,الأستاذ عصمت
فخري , يصر على أن أحلق له شعره كل يوم وأحيانا مرتين في اليوم
لأن صوت المقص وهوا يتحرك بجانب أذنه يريح أعصابه ...ا
كثير من المجانين لم تكن تصرفاتهم تثيرني أو تدهشني فنحن المجانين نستطيع
دائما أن يفهم بعضنا البعض
الأطفال ....أن الطفل أقدر على فهم وتقبل تصرفات طفل أخر من الرجل الكبير
إلى أن كان يوم ...وقفت سيارة فخمه أمام باب المحل ...ونزل سائق ورأيته
يهمس في أذن صاحب المحل طويلا ... ورأيت صاحب المحل تعلو وجه علامات الحيرة
ثم طلب منى فصوت مرتعش أن اذهب مع السائق لأحلق شعر (حماده) بيه
نجل المليونير
المعروف ( منصور باشا-سابقا-عبد العظيم) ...ا
ولم أفهم ساعتها سببا لهذه الحيرة والتردد الذين كان يعانيها صاحب المحل
ا...وحملت حقيبتي الصغيرة ,وذهبت مع السائق ...وأصررت على أن اجلس في
المقعد الخلفي ...وحاول السائق أن يعترض ...ولكني صرخت فيه ..ماذا يظننى
هذا التافه ...لولا انه لا يعرفني لصفعته على قفاه ...ا
وتركني التافه اجلس في المقعد الخلفي وقادني إلى قصر كبير في شارع الهرم
,وأسلمني إلى السفرجى الذي قادني في أبهاء وممرات صامته حزينة ,حتى وصلنا
إلى غرفه بابها مغلق . وأشار السفرجى إلى البابا المغلق من بعيد وقال
:-أتفضل..ا
ونظرت أليه بعيني قويتيا آمره بان يفتح لي الباب ...ولكن السفرجى تراجع بضع
خطوات إلى الوراء وعاد يقول :ا
ا-أتفضل: أتفضل ...ا
ثم تراجع بضع خطوات أخرى وهو يردد :ا
أتفضل ..أتفضل البيه جوه...افتح الباب ...ا
ثم تركني وحدي أمام الباب , وأختفي .هؤلاء الخدم متى يعرفون واجبهم في خدمه
الأسياد ...؟؟؟!!!ا
وتقدمت ,وفتحت الباب ...وأدرت عيني في الغرفة خافته الضوء..وفاجئه في ركن
من الغرفة ....سقطت عيناى على وجه عجيب ...وجه أصفر لشاب يبدو في العشرين
من عمره ...نحيل .نحيل جدااا....كأنه على وشك الموت ...وعيناه واسعتان
جاحظتان
ا....وشعره كثيف ,خشن فوق رأسه يغطى أذنيه ,وينزل حتى يغطى جبينه الضيق
ا.. وكل شعره منتصبه كأنه شعر من السلك ..كأنه شعر رأس العبد التي تستعمل
في تنظيف السقوف وأعلى الجدران ...وما كاد يراني حتى صرخ ..ا
أمشى أطلع بره ...أطلع بره ...أطلع بره
وصرخت فيه وقد انتفضت أعصابي حتى سقطت حقيبتي من يدي :ا
ا-أخرس –أنت فاكرني خدام أبوك عشان تجيبني وتقلى اطلع بره ..أنت مش عارف
أنا مين؟؟؟..أنا أحسن منك ومن أبوك ..وصرخ ...-حقتلك -..هموتك ..ألحقونى
...هموت ....الترماى هيدوسنى ..توت توت ...أوعى الطياره
وعدت أصرخ فيه ...وأختلط صراخنا .ا
وأخذت أتقد منه وعيناى مسلطتان على وجهه ... ورغبه جامحة تتملكني لصفعه على
قفاه ...وسيلتي لهداية البشر ...ا
ورفع أنية زهور وقذفني بها ..فسقطت حتى قدمي وهوا يصرخ ...أنا أًصرخ ..ا
وكلى تحفظ لأصفعه على قفاه ...صفعه قويه أنزع بها عنقه من فوق كتفه ...
وبداء يتراجع ... وأنا أتقدم ...ورفع أنية أخرى ليقذفني بها ...وقد ازدادت
عيناه اتساعها وجحوظا , والذعر يشتد فيها ... ا
وأنا أتقدم ...ا
وهوا يصرخ ..ا
وأنا اصرخ .....ا
أه ...أه ...ا
أخرس يا حشره ...يلعن أبوك...و..و........ا
وفجأة سقطت الأنبه من يده وأجهش ب البكاء ...وسقط فوق صدري ,قبل أن أرفع
يدي لأصفعه ...وأخذ يبكى كالطفل البريء .... وأنا واقف منتصب القامة
ا...ومدت يدي , وبدل من أن اصفعه , مسحت على كتفه كأني امنحه بركتي ..ا
...و بكا كثيرا على صدري ...حتى هدا ...وخيل إلى انه على وشك أن ينام
فأزحته من فوق صدري ... وسحبت مقعدا وضعته في وسط الحجرة ...والتقطت حقيبتي
ووضعتها على المائدة , وفتحتها ...ا
ثم التفت أليه وقلت بلهجة أمره وأنا أشير إلى المقعد :ا
أقعد ...وأزداد انكماشا في ركن الحجرة ,وهوا يهز رأسه في حركات عصبيه
ا..لا ...لا ..لا لا لا...ا
وصرخت فيه صرخة قويه :أقعد ...بقولك أقعد
وزحف بقدميه حتى جلس على المقعد وهوا يرتعش...وأمسكت بالمقص
وطقطقت به في الهواء...فقام مفزوعا وحاول أن يجرى من الغرفة ...ولكني أمسكت
به ,وألقيت به في قوه فوق المقعد وأنا أصرخ في قوه وعظمه
ا :-أجلس- أوعى تتحرك ... وجلس وهوا يبكى ...ا
وهممت أن أقص شعره ...ولكنه مال برأسه للوراء حتى أصبح من المستحيل عليا أن
أباشر عملي ,فعدت أصرخ فيه : -لا ياشاطر ...أنت
وأحنى رأسه صامتا ...ا
وكانت كل قواه قد استنفذت
فأستسلم صامتا , وكف عن البكاء ...ا
وأخذت أقص له شعره ...
وباب الغرفة مفتوح ... والخدم يمرون من بعيد , وينظرون إلينا في دهشة...ا
ثم جاء (الباشا) ووقف عند بابا الغرفة بنظر في دهشة هوا الآخر وطبعا احتقرت
الباشا ولم اهتم بالنظر أليه ...وتعمدت أن أطيل في المدة التي يستغرقها قص
شعره .. فقد كنت اشعر بالراحة
أشعر بكل عظمتي ...أشعر ب أني نبي ...أكثر من نبي وكان هوا أيضا مرتاحا
,هادئا ..كأنه لن يثور أبدا ...!!ا
وعندما أنتهيب كنت قصصت شعره كله ... وبداء إنسان جميلا قريبا من القلب .ا
وعندما هممت بالانصراف,أمسك بي , وصاح وهوا يبكى مره أخرى
:-لا ...لا لا
متسبنيش ...متسبنيش ... نظرت إليه من عل , وقلت من طرف أنفى
ا :في ناس كتير عايزنى ... مش أنت بس
وتركته وهوا لا يزال يبكى ...وعدت إلى الدكان ولم يكد ينقضي ساعتان , حتى
جاءت السيارة الفاخرة مره ثانيه ونزل السائق يرجوني ويتوسل أليا أن أعود
معه مره ثانيه
ثم تقدمني ...وفى هذه المرة و فتح لي باب السيارة الخلفي..ا
وعدت لأجد حمادة في حاله هياج شديد , وقد حطم كل ما أستطاع أن يحطمه في
الغرفة ... ووالده الباشا واقف في انتظاري يرجوني أن احلق له شعره مره
ثانيه ا...وتكرر نفس المنظر
ا....صرخ ... وقذفني بمقعد .. وصرخت ...ولعنت أباه ألي أن ارتمى فوق صدري
وبكى ...ولأطيل عليكم أن حماده مجنون مثلي
ولكنه مريض (بالرانويا) أي الإحساس ب ألأتهاض ...وقد أشتد مرضه حتى أصبح
مجنونا خطرا , لا تنفع معه ألا الحقن المخدرة , والصدمات الكهربائيه ,
ورجاني والده أن اترك المحل وأقيم مع حماده فى القصر .. وقبلت لأني كنت أحس
أنى رسول الله لهداية البشر ومنهم حماده ...وقد كان حماده سببا في استبداد
هذا الإحساس بي ... كنت أتركه وأنا أحس بأني أستطيع أن أهدى البشر فعلا
...ا
وأثير في الشارع وأنا أهم في كل خطوه بان أقبض على كل من يصادفني
واحلق له رأسه لأهديه ...ولكن بداء تطور غريب يحدث لي
تطور في أحساسى ...بداء احساسى بالعظمة واقتناعي باني رسول ... يتسلل إليه
أحساس أخر بمسؤليتى عن حماده ...ثم بداء احساسى بمسؤليتى عنه يشتد ...أصبحت
لا أطيق ان افترق عنه ...حتى أنى كنت أنام معه في نفس الغرفة ...وأطمأن
بنفسي على طعامه , وأصحبه في نوباته وأنتظر النوبات التي تنتابه
فأعالجها بنفس الطريقة التي عرفتها ....أشخط فيه , وألعن أباه ,ألي أن يبكى
ويهدا .فأقص له شعره حتى لو لم يكن قد مره يوم واحد على أخر مره حلقت له
فيها شعره ...ا
وشيأ ف شيأا ....أختفي من عقلي هذا الوهم باني نبي
أو عظيم.. لم عد أحس ألا باني حلاق وأنى أحب حماده ,وأريد له الشفاء
وأساعده عليه ...ا
وحماده أيضا ...بدأت النوبات التي تنتابه تتباعد ..وأصبح هادئا في معظم
الأوقات
طالما كنت بجانبه ...ثم بدأت أتعمد أن أغيب عنه فترات قصيرة ,وأعود فأجده
لا يزال هادئا . وغبت عنه يوما كاملا ..قضاه هادئا ,و........ا
لقد شفى حماده أيضا
شفينا نحن الاثنين....صدقوني ..لقد شوفينا نحن الاثنين ....ا
بماذا يستطيع رجال الطب ان يفسرو هذه الظاهره ؟؟؟...ا
أنها ظاهره تكشف عن مبداء جديد في علم الأمراض العقلية , مبداء يقرر
ا(لا ياشفى المجنون الا مجنون )ا
تماما كما تقول : (لا يفل الحديد الا الحديد ) ا
ولو رأيتموني
الآن لاعرفتو أنى عاقل ... عاقل جدااا...وربما لاحظتم أنى أتكلم كثيرا
...أنى ثرثار
هل تعتبرون هذا نوعا من الجنون ؟؟؟؟!!!ا
أذن فكل الحلاقين مجانييييييييييين !!!!!!!!!...